وسنتحدث اليوم عن تقنية من برامج الذكاء الاصطناعى تتيح التجسس على العمال سواءًا فى العمل أو فى أى مكان اّخر ..قد يقول البعض منكم نحن ليس لدينا الاّن إستخدام للذكاء الاصطناعى فى العمل ...أقول أنه سيصل الينا فى المستقبل وأنه لدينا الاّن ولكن مازال مقتصرا على الحكومات أو المخابرات والجيش ولكن فى المستقبل سيكون متاحا للجميع ..ولذلك يجب علينا معرفة ما سيحدث حتى نستطيع تفادى تلك المشاكل..فالمنظمات الإستبدادية الديكتاتورية سواءًا كانت حكومة أو حتى شركة ستستخدم هذه التقنيات عاجلا أو اّجلا لأنها متاحة لكل من يدفع أو تستخدمها الأن
كيف يتجسس الذكاء الاصطناعى علينا :
هذه التقنية هى نوع من الذكاء الإصطناعى الذى يسمى "الذكاء الإصطناعى العسكرى" " Military-grade AI" لأنه فى الأساس تم إستخدامه ويتم إستخدامه فى التجسس بواسطة المخابرات وكل ذلك أمر معروف وبديهى حتى إذا كنا لا نعلم هل يراقبون المواطنين العاديين أم يراقبون الأعداء ..ليس ذلك المهم الّان ..الأهم أن تلك التقنية التى هى فى الأساس للحروب تستخدم الاّن على العمال الأميركيين بواسطة شركاتهم التى يعملون بها وليتهم يراقبونهم فقط بل فى العقود الماضية الكثير من الشركات كانوا يقومون ببيع سجلات موظفيهم وبياناتهم وغيرها لخدمات
- "التعلم مفتوح المصدر" - “open source intelligence,”
- وأيضا "التحكم فى الشهرة" - “reputation management,”
- وأيضا "التحكم فى التهديدات الداخلية" - “insider threat assessment”
- وهذه الخدمات فى الأساس للدفاع بواسطة الإستخبارات
والاّن بعد تطور هذه الأدوات أصبح بإمكان مدراء الشركات إستخدامها من أجل معرفة منتقدين الشركة والأشخاص الذين يتغيبون والمزوغين والتنظيمات العمالية المطالبة بحقوقهم ..والأمر ليس سرا فى بعض الشركات مثل Amazon التى تستخدم كل ذلك ولكن لم يهتم أحد للأمر لأنهم لا يعرفون خطر هذا الأمر حتى إن بدا أنه فى صالح العمل ولتنظيمه... ولكن المراقبة فى حد ذاتها شىء مرفوض لأننا كما قلنا أن ذلك كان مقتصرا فقط على المخابرات لمراقبة الأعداء ولكن الأن أصبح كل من يملك مالا يمكنه أن يستخدم تلك الأدوات وهذا هو الأمر المخيف
شركة Five Cast :
- بدأت فى الأساس كشركة مكافحة للإرهاب وكانت تبيع البيانات للجيش
- ولكن الان أصبحت تبيع للشركات وجهات القانون وتوفر لهم تحليلا للبيانات حتى منشوراتك على فيسبوك والأمر ليس مقتصرا فقط على كلمات المنشور ولكن بإمكان أدوات هذه الشركة على معرفة وتحليل بيانات الصور والفيديوهات وغيرها وتحديد الأشخاص بها وأسمائهم والكائنات والصور والشعارات والعواطف والمفاهيم وغيرها ..الأمر مرعب ..فمثلا إذا كنت قد نشرت صورا وأنت أمام مطعم فهذه الأدوات بإمكانها معرفة ذلك وتعطى المعلومات للشركة المشترية للخدمة فتجد أنه تعرض لك إعلانات عن المطاعم ..وقس على ذلك كل شىء
- ولديها أداة تسمى "إدارة سلسلة المخاطر المقدمة" - “supply chain risk management” والتى توفر للشركة البيانات اللازمة لمعرفة هل سيثور العمال أو يقومون بإضراب وغيره حتى يأخذون الحل المناسب
- تستخدم الشركات هذه الأدوات لمعرفة أى تجمعات للعمال تفكر فى أن تقوم بأى شغب إو إضراب وتقوم الشركة بفصلهم بصورة غير قانونية قبل إتخاذهم أى إجراء وعدم توظيفهم فى شركات أخرى عن طريق بيع البيانات لهذه الشركات
- أداة أخرى كانت لتحديد الهجمات المتوقعة من أى دولة تستخدم الاّن فى مجال الإستثمار لمعرفة أى أسهم سوف يتم سحب الإستثمارات منها
كيفية الحماية من التجسس :
- ولكن هذه الأدوات بالرغم من أهميتها وخطورتها فهى يمكن التلاعب بها بسهولة لأنها أحيانا تخطىء بسبب أن المواقع والشركات التى تتابعها تضع عليك علامة إذا تابعت صفحة أو شخص ويمكن لذلك أن يشتت الأداة لأنها لا تعرف ما هو المهم وسط كل هذه العلامات
- أيضا يمكن تشتيتها بالمحتوى المضلل الذى يتم إنشاؤه بسهولة بواسطة الذكاء الإصطناعى
ولكن هذه الأدوات مازالت تتطور لأن الشركة لم تدرج بها اّخر تحديثات وتطورات الذكاء اللإصطناعى الذى تشهده البشرية وأعلنت أنها قريبا ستقوم بهذا التطوير وستمكن الأشخاص من الحصول على البيانات وفقا لما يريدونه هم ومازالت لدى شركة Five Cast خطط كبيرة حتى تصل لهدفها... وهو صنع نظام مراقبة روتينى شبه اّلى يقوم بإكتشاف أى تجمعات غير مرغوبة ومعالجتها فورا
عيوب أدوات الذكاء الإصطناعى للتجسس :
وللأسف فهذه الأدوات تعمل حتى وإن كانت لا تعمل أقصد أنها لا تتحقق بدقة من مشاعر الشخص وتصدر قرارا قد لا يكون صحيحا وتفترض أن ذلك العامل سيسبب المشاكل حتى وهو داخليا لم يكن ينوى ذلك أى أنها لا تستطيع الدخول الى نوايا الأشخص وإنما تقيس المظاهر فقط وللأسف يستخدم المديرين التنفيذين والأمن هذه الأوامر للإنتقام بشكل غير عادل ضد هؤلاء العمال فلا يمكننا أبدا التحقق من صحة القرارات عن التى تكون مبنية على "المشاعر" ولكن هذا لا يهم بالنسبة للمدير فهو يريد الكل مثاليا ولا يكون عليه أى غلطة فهو المستفيد فى النهاية من كل ذلك ويستخدم استنتاجات هذه الأدوات كدليل ضد العامل حتى ولو لم تكن صحيحة
مخاطر أدوات التجسس :
- للأسف فإن الشركات المقدمة لهذه الخدمات ليس عليها أى رقابة وتعمل فى غموض وتفتقر للشفافية فى أعمالها وتقول هذه الشركات أنها ليس لديها أى هدف فى أن يستخدم أحد أدواتها بشكل سىء ولكنها أنشأتها لتساعد المديرين لحل مشاكل التكتلات العمالية والإضراب وليس طردهم أو التخلص منهم بأى طريقة ويقولون "كل أمريكي محمي بموجب القوانين الفيدرالية وقوانين الولايات والمحلية للعمل في ظروف آمنة" وأنكرت مسئوليتها فى إساءة إستخدام المشترى لخدماتها
- وتدعى الشركات أنها تعطى البيانات المتاحة فقط مثل بيانات وسائل التواصل الاجتماعي والمقالات الإخبارية من أجل إبعاد الإنتقادات عنهم ويتجاهلون أن هذه البيانات قد يساء إستعمالها بواسطة الحكومات أو المراقبة العسكرية اليومية للمواطنين فإنه أمر بديهى أنه لا يجب إعطاء أدوات تستخدم لرصد الدبابات فى الحروب مثل الحرب الروسية الأوكرانية الى مجرد مدير مشروع و بالتأكيد هم يكذبون بخصوص البيانات وقد يكونون يراقبون حياة الناس اليومية بشكل سرى والتدخل فى خصوصياتهم ويمكن إستخدام هذه البيانات فى إستفزازهم وغيرها من الأشياء الغير مقبولة أبدا
- هذه الصناعة تتطور يوما بعد يوم بسبب سهولة جمع المعلومات وانخفاض التكاليف سواء تكاليف جمع البيانات أو تحليلها وهكذا ستكون متاحة فى المستقبل لأى مدير شركة أن يستطيع مراقبة كل تحركات موظفيه وكل ما فى حياتهم وإستخدام هذه البيانات ضدهم
ما حل مشكلة التجسس :
- يجب الاهتمام بالرقابة على هذه الأدوات والتأكد من إستخدامها السليم
- إجبار الشركات على إخبار موظفيهم بذلك علنا وأخذ موافقتهم... و في العام الماضي ، أعلن المجلس الوطني الأميريكى لعلاقات العمل أنه سيسعى إلى تجريم مراقبة العمل "المتطفلة" و "المسيئة" ، وهي خطوة مهمة
- لابد من وجود قوانين صارمة تحكم إستخدام هذه الأدوات
نحن فى وطننا العربى تصلنا هذه الأشياء بشكل متأخر عنهم فإذا تعلمنا عن أخطارها ومشاكلها فبإمكاننا فى المستقبل تجنب هذه المشاكل والوصول الى حل مناسب لها حتى لا نقع ضحية لهذا الجرم وللأسف الشديد قد نكون نتعرض له يوميا بواسطة حكوماتنا أو مخابرات الدولة وقد يظن البعض أنه أمر عادى من أجل الحفاظ على الأمان ولكن ليس كذلك فخصوصية الإنسان أهم من كل شىء فيجب علينا أخذ الحذر دائما
ويبدوا أن "الحيطان ليها ويدان" الحائط له أذنان وفى المستقبل لن يكون الحائط فقط بل سنكون مراقبين من كل مكان
..ونتمنى أن تكونوا قد إستفدتم معنا وشكرا لكم على حسن قراءتكم ..إنتظرونا لكل ما هو جديد
المصدر من هنا
تعليقات
إرسال تعليق